للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الإطلاق، ولا يردّون حق طائفة من الطوائف، ولا يقابلون بدعة ببدعة، ولا يردّون باطلًا بباطل، ولا يحملهم شنآن قوم يعادونهم ويكفرونهم على أن لا يعدلوا فيهم، بل يقولون فيهم الحق، ويحكمون في مقالاتهم بالعدل.

والله تعالى أمر رسوله أن يعدل بين الطوائف، فقال: {(١٤) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى: ١٥]، فأمره سبحانه أن يدعو إلى دينه وكتابه، وأن يستقيم في نفسه كما أمره، وأن لا يتبع هوى أحد من الفرق، وأن يؤمن بالحق جميعه، لا يؤمن ببعضه دون بعض، وأن يعدل بين أرباب المقالات والديانات.

وأنت إذا تأملت هذه الآية وجدت أهل الكلام الباطل وأهل الأهواء والبدع من جميع الطوائف أبخس الناس منها حظًّا، وأقلهم منها نصيبًا، ووجدت حزب الله ورسوله وأنصار سنته هم أحق بها وأهلها، وهم في هذه المسألة وغيرها من المسائل أسعد بالحق من جميع الطوائف، فإنهم يثبتون قدرة الله على جميع الموجودات من الأعيان والأفعال، ومشيئته العامة، وينزّهونه أن يكون في ملكه ما لا يقدر عليه، ولا هو واقعٌ تحت مشيئته، ويثبتون القدر السابق، وأن العباد يعملون على ما قدره الله وقضاه وفرغ منه، وأنه لا يشاؤون إلا أن يشاء الله لهم، ولا يفعلون إلا من بعد مشيئته، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا تخصيص عندهم في هاتين القضيتين بوجه من الوجوه.

والقدر عندهم قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه، فلا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بمشيئته وعلمه وقدرته.