للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أخبر عن شأن تلك الملكة، وأنها من أجلّ الملوك، بحيث أوتيت من كل شيء يصلح أن تؤتاه الملوك، ثم زاد في تعظيم شأنها بذكر عرشها التي تجلس عليه، وأنه عرش عظيم.

ثم أخبره بما يدعوه إلى قصدهم وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله، فقال: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [النمل: ٢٤]، وحذف أداة العطف من هذه الجملة، وأتى بها مستقلة غير معطوفة على ما قبلها؛ إيذانًا بأنها هي المقصودة وما قبلها توطئة لها، ثم أخبر عن المُغوي لهم، الحامل لهم على ذلك، وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم حتى صدّهم عن السبيل المستقيم، وهو السجود لله وحده، ثم أخبر أن ذلك الصدّ حال بينهم وبين الهداية للسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له.

ثم ذكر من أفعاله سبحانه إخراج الخَبْء في السماوات والأرض، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن، وأنواع ما ينزل من السماء، وما يخرج من الأرض.

وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصَّه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض.

قال صاحب "الكشاف": "وفي إخراج الخَبْء أمارة على أنه من كلام الهدهد؛ لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض، وذلك بإلهام من يُخرج الخَبْء في السماوات والأرض، جلّت قدرته ولطف علمه، ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل مختص بصناعة أو فن من العلم في رُوَائه (١)


(١) الرُّوَاء: حسن المنظر، "الصحاح" (رأى) (٦/ ٢٣٤٧).