للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثارُكم" (١)، أي: الزموا ديارَكم، ويخصّونه بمن لم يقع إطلاقه عليه في كتاب ولا سنة، وإن استُعمِل في حقه الإيثار والاستئثار، كما قال إخوة يوسف: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: ٩١].

وفي الأثر: "إذا استأثر الله بشيء فَالْهَ عنه" (٢).

وقال الناظم:

استَأثَرَ اللهُ بالثَّنَاء وبالحَمْـ ... ـدِ وَوَلَّى الملامَةَ الرّجُلا (٣)

ولما كان التأثير تفعيلًا من أثَّرت في كذا تأثيرًا، فأنا مُؤثِّر؛ لم يمتنع إطلاقه على العبد، قال في "الصحاح" (٤): "التأثير إبقاء الأثر في الشيء".

وأما لفظ الصانع فلم يرد في أسماء الربِّ تعالى، ولا يمكن وروده (٥)؛ فإن الصانع مَنْ صَنَع شيئًا، عدلًا كان أو ظلمًا، سفهًا أو حكمة، جائزًا أو غير جائز. وما انقسم مسمّاه إلى مدح وذم لم يجئ اسمه المطلق في الأسماء


(١) تقدم تخريجه في (١٣٦).
(٢) يروى هذا الأثر عن عمر بن الخطاب كما في "حلية الأولياء" (٥/ ٣٢٦)، وعن ابنه عبد الله أيضًا كما في "تاريخ دمشق" (٣١/ ١٥٤)، وعدّه المعافى في "الجليس" (٢/ ٢٥) من أمثال العرب.
(٣) هو للأعشى في "الديوان" (٢٣٣)، ولفظه ـ وهو المشهور ـ: "استأثر الله بالوفاء وبالعدل"، وفي "الحيوان" (٣/ ٤٨٣): "استأثر الله بالبقاء وبالحمد"، وقد أورده المصنّف على أوجه في عدد من مؤلفاته، انظر: حاشية تحقيق الإصلاحي لـ "طريق الهجرتين" (١/ ١١).
(٤) "الصحاح" (٢/ ٥٧٦).
(٥) في الأصول: "ورودها" تحريف.