للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القدري (١): فما تقول أنت في هذا المقام؟

قال السني: أنا لا أتناقض في هذا ولا في هذا، بل أصفه سبحانه بما قام به، وأمتنع مِن وصفه بما لم يقم به.

قال القدري (٢): فالآن حمي الوطيس، فأنت والمسلمون وسائر الخلق تسمونه تعالى خالقًا ورازقًا ومميتًا، والخلق والرزق والموت قائم بالمخلوق المرزوق الميت، إذ لو قام ذلك بالربّ سبحانه فالخلق إما قديم وإما حادث، فإن كان قديمًا لزم قدم المخلوق؛ لأنه نِسْبة بين الخالق والمخلوق، ويلزم من كونها قديمة قدم المصحِّح لها، وإن كان حادثًا لزم قيام الحوادث به، وافتقر ذلك الخلق إلى خلق آخر، ولزم التسلسل، فثبت أن الخلق غير قائم به سبحانه، وقد اشتُقّ له منه اسم.

قال السني: أي لازم من هذه اللوازم التزمه المرء كان خيرًا من أن ينفي صفة الخالقية عن الرب تعالى؛ فإن حقيقة هذا القول أنه غير خالق، فإن إثباتَ خالق بلا خلق إثباتُ اسم لا معنى له، وهو كإثبات سميع لا سمع له، وبصير لا بصر له، ومتكلم وقادر لا كلام له ولا قدرة، فتعطيل الرب تعالى عن فعله القائم به كتعطيله عن صفاته القائمة به، والتعطيل أنواع:

تعطيل المصنوع عن الصانع، وهو تعطيل الدهرية والزنادقة.

وتعطيل الصانع عن صفات كماله ونعوت جلاله، وهو تعطيل الجهمية نفاة الصفات.


(١) «م» و «د»: «الجبري» خطأ، والمثبت من «ج».
(٢) «م» «د»: «الجبري» خطأ، والمثبت من «ج».