للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا فهو معنى واحد لا جزء له، ولا ينقسم، والنهي (١) فيه عين الأمر، والنفي فيه عين الإثبات، والخبر فيه عين الاستخبار، والتوراة فيه عين الإنجيل وعين القرآن، وذلك كله أمر واحد إنما يختلف بمسمياته ونسبته. وقد أطبق على هذا جمع عظيم من العقلاء، وكفّروا من خالفهم فيه، واستحلّوا منهم ما حرّمه الله.

وهؤلاء الجهمية يقولون: إن للعالم صانعًا قائمًا بذاته، ليس في العالم، ولا هو خارج العالم، ولا فوق العالم، ولا تحته، ولا خلفه، ولا أمامه، ولا عن يمينه، ولا عن يَسْرَته، ولا هو مباين له، ولا مُحَايِث له. فوصفوا واجب الوجود بصفة ممتنع الوجود، وكفّروا من خالفهم في ذلك، واستحلّوا دمه، وقالوا ما يُعلم فساده بصريح العقل.

ولو ذهبنا نذكر كل ما جحد فيه أكثر الطوائف الضروريات لطال الكتاب جدًّا.

وهؤلاء النصارى أمة قد طبقت شرق الأرض وغربها، وهم من أعظم الناس جحدًا للضروريات.

وهؤلاء الفلاسفة هم أهل المعقولات، وهم من أكثر الناس جحدًا للضروريات.

فاتفاق طائفة من الطوائف على المقالة لا يدل على [عدم] (٢) مخالفتها لصريح العقل، وبالله التوفيق.


(١) «م» «ج»: «وهو النهي» كأنها إقحام، والتصويب من «د».
(٢) زيادة لازمة لإقامة المعنى.