للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصلحة، وصَرْفه عنه إن كان عليه فيه مفسدة. وهذا التيسير (١) والصرف متضمن إلقاء داعية الفعل في القلب، أو إلقاء داعية الترك فيه، ومتى حصلت داعية الفعل حصل الفعل، وداعية الترك امتنع الفعل.

وعند القدرية ترجيح فاعلية العبد على تركه منه، ليس للرب فيه صنع ولا تأثير، فطَلَبُ هذا التيسير منه لا معنى له عندهم؛ فإن تيسير الأسباب التي لا قدرة للعبد عليها موجود، ولم يسأله العبد.

وقوله: "ثم رضِّني به" يدل على أن حصول الرضا ــ وهو فعل اختياري من أفعال القلوب ــ أمر مقدور للرب تعالى، وهو الذي يلقيه في قلب عبده فيجعله راضيًا.

وعند القدرية هو الذي يجعل نفسه راضيًا.

وقوله: "فاصرفه عني واصرفني عنه" صريحٌ في أنه سبحانه هو الذي يصرف عبده عن فعله الاختياري إذا شاء صرفه عنه، كما قال سبحانه في حق يوسف الصديق: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف: ٢٤]، وصَرْف السوء والفحشاء هو صَرْف دواعي القلب وميله إليهما، فينصرفان عنه بصَرْف دواعيهما.

وقوله: "واقدر لي الخير حيث كان" يعم الخير المقدور للعبد من طاعاته، وغير المقدور له، فعُلِم أن فعل العبد للطاعة والخير أمر مقدور لله، إن لم يقدره الله لعبده لم يقع من العبد.

ففي هذا الحديث الشفاء في مسألة القدر.


(١) من قوله: "إن كان له فيه مصلحة" إلى هنا ساقط من "د".