للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء كدوام نعيم هؤلاء لغلب غضبُهُ رحمتَه، فكان الغضب هو الغالب السابق، وهذا ممتنع.

الثامن: أن الجنة دار فضله، والنار دار عدله، وفضلُهُ يغلب عدلَه.

التاسع: أن النار دار استيفاء حقه الذي له، والجنة دار وفاء حقه الذي أحقّه هو على نفسه، وهو سبحانه يترك حقّه ولا يترك الحق الذي أحقّه على نفسه.

العاشر: أن الجنة هي الغاية التي خُلِقوا لها في الآخرة، وأعمالها هي الغاية التي خُلِقوا لها في الدنيا، بخلاف النار؛ فإنه سبحانه لم يخلق خلقه للكفر به والإشراك، وإنما خلقهم لعبادته، وليرحمهم.

الحادي عشر: أن النعيم من موجَب أسمائه وصفاته، والعذاب إنما هو من أفعاله، قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِيَ أَنِّيَ أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩ - ٥٠]، وقال: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ} [الأعراف: ١٦٧]، وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٩٨]، وما كان من مقتضى أسمائه وصفاته فإنه يدوم بدوامه.

فإن قيل: فإنّ العذاب صادر عن عزّته وحكمته وعدله، وهذه أسماء حسنى وصفات كمال، فيدوم ما صدر عنها بدوامها.

قيل: لعَمرُ الله؛ إن العذاب صدر عن عزّة وحكمة وعدل، وانتهاؤه عند حصول المقصود منه يصدر عن عزّة وحكمة وعدل، فلم يَخرج العذاب ولا انقطاعه عن عزّته وحكمته وعدله، ولكن عند انتهائه تكون عزّة مقرونة