للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخنا: حقيقة هذا القول: أنّ كل مولود فإنه يولد على ما سبق في علم الله أنه صائر إليه، ومعلوم أن جميع المخلوقات بهذه المثابة، فجميع البهائم مولودة على ما سبق في علم الله لها، والأشجار مخلوقة على ما سبق في علم الله، وحينئذ فيكون كل مخلوق قد خُلِق على الفطرة.

وأيضًا: فلو كان المراد ذلك، لم يكن لقوله: «فأبواه يُهَوِّدانه» معنى، فإنهما فعلا به ما هو الفطرة التي وُلِد عليها.

وعلى هذا القول فلا فرق بين التهويد والتنصير وبين تلقين الإسلام وتعليمه، وبين تعليم سائر الحِرَف والصنائع؛ فإن ذلك كله واحد (١) فيما سبق به العلم.

وأيضًا: فتمثيله ذلك بالبهيمة التي وُلِدت جَمْعاء ثم جُدِعت؛ يبيّن أنّ أبويه غَيَّرا ما وُلِد عليه.

وأيضًا: فقوله: «على هذه الملّة»، وقوله: «إني خلقت عبادي حنفاء»؛ مخالف لهذا.

وأيضًا: فلا فرق بين حال الولادة وسائر أحوال الإنسان؛ فإنه من حين كان جنينًا إلى ما لا نهاية له من أحواله على ما سبق في علم الله، فتخصيص الولادة بكونها على مقتضى القدر تخصيص بلا مُخصِّص.

وقد ثبت في «الصحيح» (٢) أنه قبل نفخ الروح فيه يُكتَب رزقُهُ وأجلُهُ وعملُهُ وشقيٌّ أو سعيد، فلو قيل: كل مولود يُنفَخ فيه الروح على الفطرة؛


(١) كذا في «د»، وفي «درء التعارض»: «داخل» وهي أشبه.
(٢) تقدم تخريجه في (١/ ٦٣).