للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة، وقالوا: يشتم آلهتنا. قال: فجاء ابن الزِّبَعْرى فقال: ما لكم؟ قالوا: يشتم آلهتنا. قال: وما قال؟ قالوا: قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}. قال: ادعوه لي. فلما دُعِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة، أم لكل من عُبِدَ من دون الله؟ فقال: "لا، بل لكل من عُبِدَ من دون الله"، قال: فقال ابن الزِّبَعْرى: خُصِمتَ وربِّ هذه البَنِيّة ــ يعني الكعبة ــ، ألستَ تزعم أن الملائكة عبادٌ صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عُزيرًا عبد صالح، وهذه بنو مُلَيْح تعبد الملائكة، وهذه النصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود تعبد عزيرًا.

قال: فضجّ أهلُ مكة، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} ــ الملائكة وعزير وعيسى ــ {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: ١٠١ - ١٠٢] قال: ونزلت: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: ٥٧] قال: هو الضجيج (١).

وهذا الإيراد الذي أورده ابن الزِّبَعْرى لا يَرِد على الآية؛ فإنه سبحانه قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ولم يقل: "ومَن تعبدون من


(١) أخرجه من طريق ابن المديني به الطبراني في "الكبير" (١٢٧٣٩)، والواحدي في "أسباب النزول" (١٠١)، ومن طريق ابن آدم أخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (٩٨٦)، ورواه أحمد (٢٩٢٠) بسياق مختلف من طريق عاصم، ولا بأس بإسناده، ويعضده رواية ابن عباس السابقة، وحسنه ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (٢/ ١٧٤).
وأبو يحيى هو الأعرج اسمه مصدع، وأبو رزين اسمه مسعود بن مالك، وعاصم بن أبي النجود القارئ.