للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: ١٤]، وقوله: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} [الإسراء: ٥٩]، وقول موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: ١٠٢]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٤٦]، وقوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣]، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: ١١٥]، ونظائره كثيرة.

وعلى هذا التقدير فهو ضال عن سلوك طريق رشده، وهو يراها عيانًا كما في الحديث: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه" (١)، فإن الضّال عن الطريق قد يكون متبعًا لهواه، عالمٌ (٢) بأن الرشد والهدى في خلاف ما يعمل.

ولما كان الهدى هو معرفة الحق والعمل به، كان له ضدَّان: الجهل بالحق، وترك العمل به، فالأول ضلال في العلم، والثاني ضلال في القصد والعمل.

فقد وقع قوله: {عَلَى عِلْمٍ} في قوله تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ} [الدخان: ٣٢]، وفي قوله: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: ٢٣]، وفي قوله: {قَالَ إِنَّمَا


(١) أخرجه الدينوري في "المجالسة" (٩٠)، والطبراني في "الصغير" (٥٠٧)، وابن عدي في "الكامل" (٨/ ٢٦) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عثمان البري؛ متهم شديد الضعف، انظر: "الميزان" (٣/ ٥٦).
(٢) كذا في "د" "م" بالرفع على الاستئناف.