للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أفاد فائدة جليلة، وهو أنه سبحانه يكتب ما عملوه، وما تولد من أعمالهم، فيكون المتولد عنها كأنهم عملوه في الخير والشر، وهو أثر أعمالهم (١)، فآثارهم هي آثار أعمالهم المتولدة عنها، وهذا القول أعم من قول مقاتل، وكأن مقاتلًا أراد التمثيل والبيان على عادة السلف في تفسير اللفظة العامة بنوع أو فرد من أفراد مدلولها تقريبًا وتمثيلًا، لا حصرًا وإحاطة.

وقال أنس وابن عباس في رواية عكرمة: نزلت هذه الآية في بني سَلِمة، أرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، وكانت منازلهم بعيدة، فلما نزلت قالوا: بل نمكث مكاننا (٢).

واحتج أرباب هذا القول بما في "صحيح البخاري" (٣) من حديث أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سَلِمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فنزلت هذه الآية: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني سَلِمة، ديارَكم تُكتب آثارُكم".


(١) من قوله: "فيكون المتولد" إلى هنا ساقط من "د" انتقال نظر.
(٢) رواية عكرمة عن ابن عباس أخرجها ابن ماجه (٧٨٥)، وابن جرير (١٩/ ٤١٠) بإسناد جيد، ولم أقف على قول أنس مسندًا، والفقرة بحروفها في "البسيط" (١٨/ ٤٦٠).
وأخرجه عن أنس دون التصريح بسبب النزول البخاري (٦٥٦).
(٣) كذا عزاه إلى "الصحيح" من حديث أبي سعيد سهوًا، وهو فيه من حديث أنس ــ وسيأتي ــ، وحديث أبي سعيد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١٩٨٢)، والترمذي (٣٢٢٦) وقال: " هذا حديث حسن غريب من حديث الثوري"، وفي إسناده طريف السعدي ضعيف، وقد أخطأ فيه، انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٦/ ٢٩).