للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجَّح بعضُهم هذا القول؛ لمكان "حتى" التي هي للغاية، يعني: أنهم يستوفون أرزاقهم وأعمارهم إلى الموت.

ولمن نصر القول الأول أن يقول: "حتى" في هذا الموضع هي التي تدخل على الجُمل، وينصرف الكلام فيها إلى الابتداء كـ "أما"، كقوله:

فيا عجبًا حتى كليبٌ تسبّني (١)

والصحيح أن نصيبهم من الكتاب يتناول الأمرين، فهو نصيبهم من الشقاوة، ونصيبهم من الأعمال التي هي أسبابها، ونصيبهم من الأعمار التي هي مدة اكتسابها، ونصيبهم من الأرزاق التي استعانوا بها على ذلك، فعمَّت الآية هذا النصيب كلّه، وذكر هؤلاء بعضه، وهؤلاء بعضه.

هذا على القول الصحيح، وأن المراد بالكتاب ما سبق لهم في أم الكتاب.

وقالت طائفة: المراد بالكتاب القرآن.

قال الزجاج: "معنى {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ}: ما أخبر الله عز وجل من جزائهم، نحو قوله: {(١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا} [الليل: ١٤]، وقوله: {نَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: ١٧]، ونظائره" (٢).

قال أرباب هذا القول: وهذا هو الظاهر؛ لأنه ذَكَر عذابهم في القرآن في مواضع، ثم أخبر أنه ينالهم نصيبُهم منه.


(١) صدر بيت للفرزدق، انظر: "الديوان" بشرح الفاعور (٣٦١).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" (٢/ ٣٣٤).