للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عبيدة: "الأزيز الالتهاب والحركة، كالتهاب النار في الحطب، يقال: أُزَّ قدْرَكَ، أي: ألْهِب تحتها النار، وائْتَزَّت القدر إذا اشتد غليانها" (١)، وهذا اختيار الأخفش (٢).

والتحقيق أن اللفظة تجمع المعنيين جميعًا.

قالت القدرية: معنى {أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} خلّينا بينهم وبين الكافرين، وليس معناه التسليط.

قال أبو علي: "الإرسال يستعمل بمعنى التخلية بين المرسل وما يريد، فمعنى الآية: خلينا بين الشياطين وبين الكافرين، ولم نمنعهم منهم، ولم نعذهم، بخلاف المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} " (٣).

قال الواحدي: "وإلى هذا الوجه تذهب القدرية في معنى الآية"، قال: "وليس المعنى على ما ذهبوا إليه" (٤).

وقال أبو إسحاق: "والمختار أنهم أُرسلوا عليهم، وقُيِّضوا لهم بكفرهم، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهْوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: ٣٦]، وقال: {لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}


(١) حكاه في "تهذيب اللغة" (أزز) (١٣/ ٢٨١)، وفي "مجاز القرآن" (٢/ ١١) تفسير آخر.
(٢) حكاه في "البسيط" (١٤/ ٣٢٤)، وليس هو في نشرة "معاني القرآن" للأخفش.
(٣) حكاه في "البسيط" (١٤/ ٣٢١).
(٤) "البسيط" (١٤/ ٣٢٢).