للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخل بين بيوته رؤوس الإبر.

فتبارك الذي ألهمها أن تبني بيوتها هذا البناء المحكم، الذي يعجز البشر عن صنع مثله، فعلمت أنها محتاجة إلى أن تبني بيوتها من أشكال موصوفة بصفتين:

إحداهما (١): أن لا تكون زواياها ضيقة، حتى لا يبقى الموضع الضيق معطلًا.

الثاني (٢): أن تكون تلك البيوت مشكلة بأشكال إذا انضم بعضها إلى بعض امتلأت العَرْصة (٣) منها، ولا يبقى شيء منها ضائعًا.

ثم إنها علمت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدّس فقط؛ فإن المثلثات والمربعات وإن أمكن امتلاء العَرْصة منها إلا أن زواياها ضيقة، وأما سائر الأشكال وإن كانت زواياها واسعة إلا أنها لا تمتلئ العَرْصة منها، بل يبقى فيما بينها فروج خالية ضائعة، وأما المسدس فهو موصوف بهاتين الصفتين.

فهداها سبحانه إلى (٤) بناء بيوتها على هذا الشكل، من غير تسطير ولا آلة ولا مثال يُحْتَذى عليه، وأصنعُ بني آدم لا يقدر على بناء البيت المسدّس إلا بالآلات الكثيرة.


(١) "د": "أحدها".
(٢) كذا في الأصول: "الثاني"، والوجه: "الثانية".
(٣) البقعة الواسعة بين الدور الخالية من البناء، انظر: "الصحاح" (عرص) (٣/ ١٠٤٤).
(٤) في الأصول: "على" خطأ.