للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخل الجميع، فيرجع إلى المعزولات الممنوعات من الدخول فيتفقدهنّ، ويكشف أحوالهنّ مرة ثانية، فمن وجده قد وقع على شيء مُنْتِن أو نجس قَدَّه نصفين، ومن كانت جنايته خفيفة تركه خارج الخلية، هذا دأب البوّاب كل عشية.

وأما الملك فلا يكثر الخروج من الخلية إلا نادرًا، إذا اشتهى التنزّه فيخرج ومعه أمراء النحل والخدم، فيطوف في المروج والرياض والبساتين ساعة من النهار، ثم يعود إلى مكانه.

ومن عجيب أمره أنه ربما لحقه أذى من النحل أو من صاحب الخلية أو من خدمه، فيغضب ويخرج من الخلية، ويتباعد عنها، ويتبعه جميع النحل، وتبقى الخلية خالية، فإذا رأى صاحبها ذلك، وخاف أن يأخذ النحل ويذهب بها إلى مكان آخر احتال لاسترجاعه وطلب رضاه، فيتعرف موضعه الذي صار إليه بالنحل، فيعرفه باجتماع النحل إليه، فإنها لا تفارقه، وتجتمع عليه حتى تصير عليه عنقودًا، وهو إذا خرج غضبان جلس على مكان مرتفع من الشجرة، وطافت به النحل، وانضمت إليه، حتى تصير كالكرة، فيأخذ صاحب النحل رمحًا أو قصبة طويلة، ويشدّ على رأسها حزمةً من النبات الطيب الرائحة العَطِر النظيف، ويدنيه إلى محل الملك، ويكون معه إما مِزْهَر (١) أو يَراع أو شيء من آلات الطرب، فيحركه وقد أدنى إليه ذلك الحشيش، فلا يزال كذلك إلى أن يرضى الملك، فإذا رضي وزال غضبه طَفَر


(١) المِزْهَر: العود الموسيقية التي يضرب بها، ينظر: "تاج العروس" (زهر) (١١/ ٤٨٠)، "تكملة المعاجم" (٧/ ٣٣٩).