للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن يكون مثل قوله: "أمن أجل أن قرصتك نملةٌ أحرقت أمة من الأمم تسبّح" (١)، فهي أمة مخلوقة لحكمة ومصلحة، فإعدامها وإفناؤها يناقض ما خُلِقت له، والله أعلم بما أراد رسوله.

قال ابن عباس في رواية عطاء {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}: يريد يعرفونني ويوحدونني ويسبحونني ويحمدونني، مثل قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤]، ومثل قوله تعالى: {(٤٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: ٤١]، فعلى هذا جُعِلت أممًا أمثالنا في التوحيد والمعرفة بربها وتسبيحه (٢).

ويدل على هذا قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ} [الحج: ١٨]، وقوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ} [النحل: ٤٩]، ويدل عليه قوله تعالى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: ١٠]، ويدل عليه قوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨]، وقوله: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ} [النمل: ١٨]، وقول سليمان عليه السلام: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: ١٦].

وقال مجاهد: " {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} أصناف مصنفة تعرف بأسمائها" (٣).

وقال الزجاج: " {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في أنها تبعث" (٤).


(١) تقدم تخريجه في (٢٣١).
(٢) الفقرة مقتبسة من "البسيط" (٨/ ١١٢ - ١١٣).
(٣) أسنده الطبري (٩/ ٢٣٣).
(٤) بمعناه في "معاني القرآن وإعرابه" (٢/ ٢٤٥).