للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: ٨٦].

وهذه الهداية هي التي أثبتها لرسوله، حيث قال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢]، ونفى عنه ملك الهداية الموجِبة، وهي هداية التوفيق والإلهام بقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦]، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثت داعيًا ومبلّغًا، وليس إليّ من الهداية شيء، وبُعث إبليس مزيّنًا ومغويًا، وليس إليه من الضلالة شيء" (١).

قال تعالى: {(٢٤) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ إِلَى إِلَى صِرَاطٍ} [يونس: ٢٥]، فجمع سبحانه بين الهدايتين: العامة والخاصة، فعمّ بالدعوة حجة منه وعدلًا، وخَصّ بالهداية نعمة منه وفضلًا.

وهذه المرتبة أخص من المرتبة التي قبلها، فإنها هداية تختص المكلفين، وهي حجة الله على خلقه التي لا يعذب أحدًا إلا بعد إقامتها عليه، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، وقال: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: ٥٦ - ٥٧]، وقال:


(١) أخرجه الدولابي في "الأسماء والكنى" (٢٠١٧)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٢٨٣) من حديث عمر بن الخطاب، وهو حديث باطل لا أصل له، في إسناده خالد بن عبد الرحمن أبو الهيثم، قال العقيلي في "الضعفاء" (١/ ٥٧٠): "ليس بمعروف بالنقل، وحديثه غير محفوظ، ولا يعرف له أصل"، وانظر: "الموضوعات" (٥٢٩).