للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي الدنيا يقول: إن لله سبحانه من العلوم ما لا يحصى، يعطي كل واحد من ذلك ما لا يعطي غيره.

لقد حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سعيد الطائي، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، عن أبيه: أن قومًا كانوا في سفر، فكان فيهم رجل يمر الطائر فيقول: أتدرون ما تقول هذه؟ فيقولون: لا. فيقول: تقول كذا وكذا. فيحيلنا على شيء لا ندري أصادق هو أم كاذب.

إلى أن مروّا على غنم وفيها شاة قد تخلّفت على سَخْلة لها، فجعلت تحنو عنقها إليها وتثغو، فقال: أتدرون ما تقول هذه الشاة؟ قلنا: لا. قال: تقول للسَّخْلة: الحقي، لا يأكلك الذئب كما أكل أخاك عام أول في هذا المكان. قال: فانتهينا إلى الراعي، فقلنا له: ولدت هذه الشاة قبل عامك هذا؟ قال: نعم، ولدت سَخْلة عام أول، فأكلها الذئب بهذا المكان.

ثم أتينا على قوم فيهم ظعينة على جمل لها، وهو يرغو ويحنو عنقه إليها، فقال: أتدرون ما يقول هذا البعير؟ قلنا: لا. قال: فإنه يلعن راكبته، ويزعم أنها رحلته على مِخْيَط، وهو في سنامه. قال: فانتهينا إليهم، فقلنا: يا هؤلاء، إن صاحبنا هذا يزعم أن هذا البعير يلعن راكبته، ويزعم أنها رحلته على مِخْيَط، وأنه في سنامه. قال: فأناخوا البعير، وحَطّوا عنه، فإذا هو كما قال".

فهذه شاة قد حذَّرت سَخْلتها من الذئب مرة فحذرت، وقد حذر الله سبحانه ابن آدم من ذئبه مرة بعد مرة، وهو يأبى إلا أن يستجيب له إذا دعاه، ويبيت معه ويصبح، {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ