للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: أسرع حتى كلَّت مطيته.

{يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}، قال قتادة: "وفيكم من يسمع كلامهم ويطيعهم" (١).

وقال ابن إسحاق: "وفيكم قوم أهل محبة لهم، وطاعة فيما يدعونهم إليه؛ لشرفهم فيهم" (٢).

ومعناه على هذا القول: وفيكم أهل سمع وطاعة لهم، لو صحبهم هؤلاء المنافقون أفسدوهم عليكم.

قلت: فتضمن "سمَّاعين" معنى مستجيبين.

وقال مجاهد وابن زيد والكلبي: "المعنى: وفيكم عيون لهم، ينقلون إليهم ما يسمعون منكم" (٣)، أي: جواسيس.

والقول هو الأول، كما قال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} [المائدة: ٤١]، أي: قابلون له، ولم يكن في المؤمنين جواسيس للمنافقين؛ فإن المنافقين كانوا مختلطين بالمؤمنين ينزلون معهم، ويرحلون ويصلون معهم ويجالسونهم، ولم يكونوا متحيزين عنهم قد أرسلوا فيهم العيون ينقلون إليهم أخبارهم؛ فإن هذا إنما يفعله من انحاز عن طائفة ولم يخالطها،


(١) أسنده الطبري (١١/ ٤٨٦).
(٢) أسنده الطبري (١١/ ٤٨٦)، وانظر: "سيرة ابن هشام" (٢/ ٥٤٩).
(٣) أسند معناه في "جامع البيان" (١١/ ٤٨٦) عن مجاهد وابن زيد، ونسبه إلى الكلبي في "البسيط" (١٠/ ٤٧٤).