للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا جواب باطل قطعًا؛ فإن مضمونه أن أحدهما لا يقدر عليه إلا إذا تركه الآخر، فحال تلبس العبد بالفعل بقدرته وإرادته إن كان مقدورًا لله فهو القول بمقدور بين قادرَيْن، وإن لم يكن مقدورًا له سبحانه لزم إخراج بعض الممكنات عن قدرته.

فإن قلت: هو قادر عليه بشرط أن لا يقدر عليه العبد.

قيل لك: فهذا تصريح منك بأنه في حال قدرة العبد عليه لا يقدر عليه الربّ، فلا ينفعك القول بأنه قادر عليه على البدل.

وأيضًا: فإن قدر عليه عندك بشرط أن لا يقدر (١) عليه العبد، فإذا قدر العبد عليه انتفت قدرة الرب لانتفاء شرطها.

وهذا مما صاح به عليكم أهل التوحيد من أقطار الأرض، ورموكم به عن قوس واحدة، وإنما صانعتم به أهل السنة مصانعة، وإلا فحقيقة هذا القول أن العبد يقدر على ما لا يقدر عليه الربّ، وحكاية هذا الرأي الباطل كافية في فساده.

فإن قلت: كما لا يمتنع معلوم واحد بين عالمَيْن، ومراد واحد بين مريدَيْن، فلا يمتنع مقدور واحد بين قادرَيْن.

قيل: هذا من أفسد القياس؛ لأن المعلوم (٢) لا يتأثر بالعالم، والمراد لا يتأثر بالمريد، فيصح الاشتراك في المعلوم والمراد، كما يصح الاشتراك في المرئي والمسموع، وأما المقدور فيجوز اشتراك القادرَيْن فيه بالقدرة


(١) "د": "مشروطة بأن لا يقدر".
(٢) "د": "العالم".