للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حادث فالله مُحْدِثُهُ وخالقه.

وذلك أن الحسنات إما فعْل مأمور، أو ترْك محظور، والترك أمر وجودي، فترْك الإنسان لما نُهِي عنه، ومعرفته بأنه ذنب قبيح، وبأنه سبب العذاب، وبغضه له، وكراهته له، ومنْع نفسه إذا هويته وطلبته منه= أمور وجودية، كما أن معرفته بأن الحسنات ـ كالعدل والصدق ـ حسنة، وفعله لها أمر وجودي.

والإنسان إنما يثاب على ترك السيئات إذا تركها على وجه الكراهة لها، والامتناع منها، وكفّ النفس عنها، قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: ٧]، وقال تعالى: {(٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ} [النازعات: ٤٠]، وقال: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥].

وفي «الصحيحين» (١) عنه - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومَن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومَن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلْقى في النار».

وقد جعل - صلى الله عليه وسلم - البغض في الله من أوثق عرى الإيمان، وهو أصل الترك، وجعل المنع لله من كمال الإيمان، وهو أصل الترك، فقال: «مِنْ أوثق عرى الإيمان (٢): الحب في الله، والبغض في الله» (٣).


(١) البخاري (١٦)، ومسلم (٤٣) من حديث أنس.
(٢) من قوله: «وهو أصل الترك» إلى هنا ساقط من «م».
(٣) أخرجه الطيالسي (٧٨٣)، وابن أبي شيبة (٣١٠٥٩)، وأحمد (١٨٥٢٤) من حديث البراء، ومدار إسناده على ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وقد اضطرب في إسناده أيضًا.
وفي الباب عدة شواهد بين ضعيف ومنكر، انظر: «إتحاف الخيرة» (١/ ٩٦)، «السلسلة الصحيحة» (٩٩٨).