للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ولا يُدعى الحبلُ سببًا حتى يُصعَد به ويُنزَل (١)، ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب، يقال: ما بيني وبين فلان سبب، أي: آصرة رحم أو عاطفة مودة.

وقد سمَّى تعالى وَصْل الناس بينهم أسبابًا، وهي التي يتسببون بها إلى قضاء حوائجهم (٢) بعضهم من بعض، قال تعالى: {إِذ تَّبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: ١٦٦]، يعني: الوُصلات التي كانت بينهم في الدنيا.

قال ابن عباس وأصحابه: «يعني أسباب المودة والوُصلات التي كانت بينهم في الدنيا» (٣).

وقال ابن زيد: «هي الأعمال التي كانوا يؤمّلون أن يصلوا بها إلى ثواب الله».

وقيل: هي الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها (٤).

وبالجملة فسمى الله سبحانه ذلك كله أسبابًا؛ لأنها كانت يُتَوصَّل بها إلى مسبَّباتها، وهذا كله عند نفاة الأسباب مجاز لا حقيقة له، وبالله التوفيق.


(١) حكاه في «تهذيب اللغة» (١٢/ ٣١٤) عن خالد بن جَنْبَة، والفقرة مقتبسة من «البسيط» (٣/ ٤٧٩).
(٢) «د»: «حوائج».
(٣) هذه الفقرة ساقطة من «م».
(٤) انظر: «جامع البيان» (٣/ ٢٦ - ٢٩)، «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٢٧٨ - ٢٧٩).