للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧]، فعلّل سبحانه قسمة الفيء بين هذه الأصناف كي لا يتداوله الأغنياء دون الفقراء، والأقوياء دون الضعفاء.

وقوله سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا أَتَاكُمْ} [الحديد: ٢٢ - ٢٣]، فأخبر سبحانه أنه قدّر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن يبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع، وهو الأحسن، ثم أخبر أنّ مصدر ذلك قدرتُه عليه، وأنه يسيرٌ عليه، وحكمتُه (١) البالغة التي منها أن لا يَحزن عباده على ما فاتهم، ولا يفرحوا بما آتاهم، فإنهم إذا علموا أن المصيبة فيه مقدّرة كائنة (٢) ولا بدّ، وقد كُتِبت قبل خلقهم؛ هان عليهم الفائت فلم يأسوا عليه، ولم يفرحوا بالحاصل؛ لعلمهم أن المصيبة مقدّرة في كل ما على الأرض، فكيف يُفرَح بشيء قد قُدِّرت المصيبةُ فيه قبل خلقه.

ولما كانت المصيبة تتضمن فوات محبوب، أو خوف فواته، أو حصول مكروه، أو خوفه= نبَّه بالأسى على الفائت على مفارقة المحبوب بعد حصوله، وعلى فواته حيث لم يحصل، ونبَّه بعدم الفرح به إذا وُجِد على توطين النفس لمفارقته قبل وقوعها، وعلى الصبر على مرارتها بعد الوقوع،


(١) «د»: «وأنه ميسر [محتملة] عليه حكمته»، وفي «م»: «هيّن» بدل «يسير»، والمثبت من «ج».
(٢) «د»: «بقدره كائنة».