للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما أنت لاق".

وقال أبو داود الطيالسي (١): ثنا عبد المؤمن ـ هو ابن عبد الله (٢) ـ قال: كنا عند الحسن فأتاه بُرَيْد بن أبي مريم السلولي يتوكأ على عصا، فقال: يا أبا سعيد، أخبرني عن قول الله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢]. فقال الحسن: نعم والله، إن الله ليقضي القَضِيّة في السماء، ثم يضرب لها أجلًا أنه كائن في يوم كذا وكذا، في ساعة كذا وكذا في الخاصة والعامة (٣)، حتى إن الرجل ليأخذ العصا ما يأخذها إلا بقضاء وقدر. قال: يا أبا سعيد، والله لقد أخذتها وإنّي عنها لغني، ثم لا صبر لي عنها. قال الحسن: أفلا تَرَى.

واختُلِف في الضمير في قوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}، فقيل: هو عائد على الأنفس؛ لقُرْبها منه.

وقيل: هو عائد على الأرض.

وقيل: عائد على المصيبة.

والتحقيق أن يقال: هو عائد على البَريّة التي تعمّ هذا كله، ودلّ عليه السياق، وقوله: "نبرأها"، فتنتظم التقادير الثلاثة انتظامًا واحدًا، والله أعلم.


(١) لم أقف عليه من هذا الوجه، وأخرجه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (٢/ ١٩٤) من طريق أبي داود السجستاني، عن محمد بن عيسى، عن عبد المؤمن بنحوه، وعزاه في "الدر المنثور" (١٤/ ٢٨٥) إلى ابن المنذر بقريب منه.
(٢) كذا في "د" "م": "ابن عبد الله" تحريف، صوابه: "ابن عبيد الله" وهو السدوسي، من رجال "التهذيب" (١٨/ ٤٤٤).
(٣) "م": "أو العامة"، والمثبت موافق لمصدرَيْ التخريج الآنفَيْن.