للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكان خلْقُ الله العالَمَ في وقت معين دون ما قبله ودون ما بعده معلّلًا برعاية غرض ومصلحة، ثم ذلك الغرض والمصلحة إما أن يقال: كان حاصلًا قبل ذلك الوقت، أو لم يكن حاصلًا قبله.

فإن كان ما لأجله أوجد الله العالم في ذلك الوقت حاصلًا قبل أن أوجده؛ فيلزم أن يقال: إنه كان موجِدًا له قبل أن لم يكن موجِدًا له، وذلك محال.

وإن قلنا: إن ذلك الغرض والمصلحة لم يكن حاصلًا قبل ذلك الوقت، وإنما حدث في ذلك الوقت، فنقول: حصول ذلك الغرض في ذلك الوقت إما أن يكون مفتقرًا إلى المحدِث أو لا يفتقر، فإن لم يفتقر فقد حدث الشيء لا عن موجِد ومحدِث، وهو محال، وإن افتقر إلى محدِث: فإن افتقر تخصيص إحداث ذلك الغرض بذلك الوقت إلى غرض آخر؛ عاد التقسيم الأول فيه، ولزم التسلسل، وإن لم يفتقر إلى رعاية غرض آخر؛ فحينئذ تكون موجِديّة الله سبحانه وخالقيّته غنية عن الأغراض والمصالح، وهذا هو المطلوب.

قالوا: وهذه الحجة كما أنها (١) قائمة في اختصاص العالم بذلك الوقت المعين فهي قائمة في اختصاص كل حادث من الحوادث بوقته المعين.

وملخصها: أنّ إحداث الحادث في وقته إن كان لغرض: فإن كان ذلك الغرض حاصلًا قبله لزم حدوثه قبل حدوثه، وإلا افتقر إلى الإحداث، فإحداثه إن كان لغرض يتسلسل، وإلا ثبت المطلوب.

قال أهل الحكمة: هذه الحجة بعينها مذكورة في ضمن الحجة الثانية


(١) «د»: «كأنها».