للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يخرج منها، وبين شكره بعد أن ابتُلِي بعدوه، ثم اجتباه ربّه فتاب عليه وقَبِله (١).

ومنها: أنّ المحبة والإنابة والتوكل والصبر والرضا ونحوها أحب العبودية إلى الله سبحانه، وهذه العبودية إنما تتحقق بالجهاد وبذل النفس لله، وتقديم محبته على كل ما سواه، فالجهاد ذروة سنام العبودية، وأحبها إلى الرب سبحانه، فكان في خلق إبليس وحزبه قيام سوق هذه العبودية وتوابعها التي لا يحصي حِكَمها وفوائدها وما فيها من المصالح إلا الله.

ومنها: أنّ في خلق مَن يُضاد رسله ويكذبهم ويعاديهم من تمام ظهور آياته وعجائب قدرته ولطائف صنعه= ما وجوده أحب إليه وأنفع لأوليائه من عدمه، كما تقدم من ظهور آية الطوفان والعصا واليد وفَلْق البحر وإلقاء الخليل في النار، وأضعاف أضعاف ذلك من آياته وبراهين قدرته وعلمه وحكمته، فلم يكن بدّ من وجود الأسباب التي يترتب عليها ذلك كما تقدم.

ومنها: أنّ المادة النارية فيها الإحراق والعلو والفساد، وفيها الإشراق والإضاءة والنور، فأخرج منها سبحانه هذا وهذا، كما أن المادة الترابية الأرضية فيها الطيب والخبيث، والسهل والحَزْن، والأحمر والأسود والأبيض، فأخرج منها ذلك كله، حكمة باهرة، وقدرة قاهرة، وآية دالة على أنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهْوَ وَهُوَ السَّمِيعُ} [الشورى: ١١].

ومنها: أنّ من أسمائه: الخافض، الرافع، المعزّ، المذلّ، الحكم، العدل، المنتقم، وهذه الأسماء تستدعي متعلّقات تظهر فيها أحكامها كأسماء


(١) «م»: «وهدى ... » وبعدها كلمة مطموسة.