للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مخالفته، ويسعى في مساخطه، بل يشتمه (١) سبحانه، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات، ويرزقه ويعافيه، ويمكّن له من أسباب ما يلتذّ به من أصناف النعم، ويجيب دعاءه، ويكشف عنه السوء، ويعامله من برِّه وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءته، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد، وتحبُّب إلى أوليائه، وتعرّف إليهم بأنواع كمالاته.

كما في «الصحيح» (٢) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله، يجعلون له الولد وهو يرزقهم ويعافيهم».

وفي «الصحيح» (٣) عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه: «شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفؤًا أحد، وأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليه من إعادته».

وهو سبحانه مع هذا الشتم له والتكذيب يرزق الشاتم المكذِّب ويعافيه ويدفع عنه، ويدعوه إلى جنته، ويقبل توبته إذا تاب إليه، ويبدله بسيئاته حسنات، ويتلطّف به في جميع أحواله، ويؤهله لإرسال رسله إليه، ويأمرهم بأن يُلينوا له القول ويرفقوا به.


(١) قراءة محتملة من «م»، وفي «د»: «يشبهه» دون إعجام.
(٢) البخاري (٦٠٩٩)، ومسلم (٢٨٠٤) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٣) البخاري (٣١٩٣، ٤٩٧٤، ٤٩٧٥) من حديث أبي هريرة، وابن عباس (٤٤٨٢) بألفاظ مقاربة.