للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد آدم إلا وهو يعرف أن ربه الله، ولا مشرك إلا وهو يقول: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣]، فذلك قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ}، وذلك حين يقول: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣]، وذلك حين يقول: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩]، قال: يعني يوم أخذ الميثاق" (١).

وقال إسحاق: حدثنا وكيع، حدثنا فِطْر، عن ابن سابط، قال: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: "خلق الله الخلق قبضتين، فقال لمن في يمينه: ادخلوا الجنة بسلام. وقال لمن في يده الأخرى: ادخلوا النار ولا أبالي" (٢).

وأخبرنا جرير، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن رجل من الأنصار من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما خلق الله الخلق قبضتين (٣) بيده، فقال لمن في يمينه: أنتم أصحاب اليمين. وقال لمن في اليد الأخرى: أنتم أصحاب الشمال. فذهبت إلى يوم القيامة" (٤).


(١) أخرجه بهذا السياق ابن عبد البر في "التمهيد" (١٨/ ٨٥)، ومفرّقًا الطبري (١٠/ ٥٦٠ - ٥٦٢)، وأورده المصنف في "أحكام أهل الذمة" (٢/ ٩٩٦)، وفي "الروح" (٢/ ٤٦٢) مصدّرًا إياه بقوله: "وذكر محمد بن نصر من تفسير السدي"، وطعن شيخ الإسلام في هذا الأثر لجملة: "وطائفة كارهين على وجه التَقِيّة" "درء التعارض" (٨/ ٤٢٣)، وسيأتي في الباب الثلاثين الكلام عليه (٢/ ٤٢٧).
(٢) أخرجه معمر في "الجامع" (٢٠٠٩٤)، والدارمي في "النقض على المريسي" (١/ ٢٦٨)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٣٣٥).
(٣) كذا في الأصول الخطية، والأليق بالسياق بعده: "قبض قبضتين".
(٤) لم أقف عليه.