للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا التأويل لا يصح؛ لأن الاستثناء إنما هو في وعيد الكفار، فإنه سبحانه قال: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} الآية [هود: ١٠٥ - ١٠٦]، ثم قال: {وَأَمَّا الَّذِينَ سَعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ} [هود: ١٠٨]، فأهل التوحيد من الذين سُعِدوا لا من الذين شَقُوا، وآية الأنعام صريحة في حق الكفار، كما تقدم بيانه.

قال حرب: وحدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، ثنا شعبة، عن أبي بَلْج (١)، سمع عمرو بن ميمون يحدِّث عن عبد الله بن عمرو، قال: «ليأتينّ على جهنم يوم تصطفق فيه أبوابها، ليس فيها أحد، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابًا» (٢).

حدثنا عبيد الله، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن يحيى بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: «أما الذي أقول: إنه سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} الآية».

قال عبيد الله: كان أصحابنا يقولون: يعني بها الموحّدين (٣).

وقد تقدم أن هذا التأويل لا يصح.


(١) اضطربت نسخة «د» «م» في رسمها وإعجامها، والمثبت من كتب التراجم والرواية.
(٢) «مسائل حرب» (١٨٦٩)، ورواه الفسوي في «المعرفة» (٢/ ١٠٣)، والبزار (٢٤٧٨)، ورجاله ثقات خلا أبا بَلْج يحيى بن سليم فمختلف فيه، وعد الذهبي في «الميزان» (٤/ ٣٨٥) هذا الحديث من بلاياه، ونقل الفسوي عقيب روايته عن ثابت قال: سألت الحسن عن هذا الحديث فأنكره.
(٣) «مسائل حرب» (١٨٧٠).