للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقييد لُبْثهم فيها بالأحقاب يدل على مدة مقدّرة يحصرها العَدّ (١)، وهذا قول الأكثرين.

ولهذا تأوّل الزجّاج الآية على أن الأحقاب تقييد لقوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} [النبأ: ٢٤]، وأما مدة لُبْثهم فيها فلا تتقدَّر بالأحقاب (٢).

وهذا تأويل فاسد؛ فإنه يقتضي أن يكونوا بعد الأحقاب ذائقين للبرد والشراب.

وقالت طائفة أخرى: الآية منسوخة بقوله: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨]، وقوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٣٩]، وهذا فاسد أيضًا إنْ أرادوا بالنسخ الرفع، فإنه لا يدخل في الخَبَر إلا إذا كان بمعنى الطلب، وإنْ أرادوا بالنسخ البيان فهو صحيح، وهو إنما يدل على أن عذابهم دائم مستمر ما دامت باقية، فهم فيها خالدون، وما هم بمخرجين، وهذا حقٌّ معلومٌ دلالة القرآن والسنة عليه.

ولكن الشأن في أمر آخر، وهو أن النار أبدية دائمة بدوام الرب، فأين الدليل على هذا من القرآن أو السنة بوجه من الوجوه؟

وقالت طائفة: هي في أهل التوحيد.

وهذا أقبح مما قبله، وسياق الآيات يرده ردًّا صريحًا.


(١) «د»: «العدد».
(٢) «معاني القرآن وإعرابه» (٥/ ٢٧٣).