للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقال ابن مسعود فذكره (١).

وقال: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير، عن بيان، عن الشعبي قال: «جهنم أسرع الدارَيْن عمرانًا، وأسرعهما خرابًا» (٢).

قلت: لا يدلُّ قوله: «أسرعهما خرابًا» على خراب الدار الأخرى، كما في قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: ٢٤]، وقوله: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٥٩]، وقوله في الحديث: «الله أعلى وأجلّ» (٣).

وقوله: «أسرعهما عمرانًا» يحتمل معنيين:

أحدهما: مسارعة الناس إلى الأعمال التي يدخلون بها جهنم، وإبطاؤهم عن أعمال الدار الأخرى.

والثاني: أن أهلها يدخلونها قبل دخول أهل الجنة إليها، فإن أهل الجنة إنما يدخلونها بعد عبورهم على الصراط، وبعد حبسهم على القنطرة التي وراءه، وأهل النار قد تبوَّؤوا منازلهم منها، فإنهم لا يَجُوزون على الصراط، ولا يُحْبسون على تلك القنطرة.

وأيضًا ففي الحديث الصحيح أنه لما ينادي المنادي: «لتتَّبِع كلُّ أمة ما كانت تعبد، فيتبع المشركون أوثانهم وآلهتهم، فتتساقط بهم في النار، وتبقى هذه الأمة في الموقف حتى يأتيها ربها عز وجل، ويقول: ألا تنطلقون حيث


(١) «جامع البيان» (١٢/ ٥٨٢).
(٢) «جامع البيان» (١٢/ ٥٨٢).
(٣) جزء من حديث أخرجه البخاري (٣٠٣٩) من حديث البراء بن عازب.