للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} [العنكبوت: ٢١]، وقوله: {فَيَغْفِر لِّمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّب مَّن يَشَاءُ} [البقرة: ٢٨٤]، وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر: ٨]، وقوله: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣]».

فهذا كله حق، ولكن أين فيه إبطال حكمته وحمده والغايات المحمودة المطلوبة بفعله، وأنه لا يفعل شيئًا لشيء، ولا يأمر بشيء لأجل شيء، ولا سبب لفعله ولا غاية؟!

أَفَتَرى أصحابَ الحكمة والتعليل يقولون: إنه لا يفعل بمشيئته، أو أنه يُسأل عما يفعل؟

بل يقولون: إنه يفعل بمشيئة مقارنة للحكمة والمصلحة، ووضع الأشياء مواضعها، وإنه يفعل ما يشاء بأسباب وحِكَم، ولغايات مطلوبة، وعواقب حميدة، فهم مثبتون لملكه وحمده، وغيرهم يثبت ملكًا بلا حمد، أو نوعًا من الحمد مع هضم المُلْك، إذ الربّ (١) تعالى له كمال المُلْك وكمال الحمد، فكونه (٢) يفعل ما يشاء لا يمنع أن يشاء بأسباب وحِكَم وغايات، وأنه لا يشاء إلا ذلك.

وأما قوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣]، فهذا لكمال علمه وحكمته، لا لعدم ذلك.

وأيضًا فسياق الآية في معنى آخر، وهو إبطال إلهية مَن سواه، وإثبات


(١) «م»: «والرب».
(٢) «م»: «وكونه».