للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الضحاك: خرجوا كأمثال الذر، ثم أعادهم (١).

فهذه الآثار (٢) وغيرها تدل على أن الله سبحانه قدَّر أعمال بني آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم وشقاوتهم عقيب خلق أبيهم، وأراهم لأبيهم آدم صورهم وأشكالهم وحلاهم، وهذا ــ والله أعلم ــ أمثالهم وصورهم.

وأما تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية به ففيه ما فيه، وحديث عمر ــ لو صح ــ لم يكن تفسيرًا للآية، وبيان أن ذلك هوالمراد بها، فلا يدل الحديث عليه، ولكن الآية دلت على أن هذا الأخذ من بني آدم لا من آدم، وأنه من ظهورهم لا من ظهره، وأنهم ذرياتهم أمة بعد أمة، وأنه إشهاد تقوم به عليهم الحجة له سبحانه، فلا يقول الكافر يوم القيامة: كنت غافلًا عن هذا، ولا يقول الولد المشرك (٣): أشرك أبي وتبعته؛ فإن ما فطرهم الله عليه من الإقرار بربوبيته، وأنه ربهم وخالقهم وفاطرهم؛ حجة عليهم.

ثم دلّ حديث عمر وغيره على أمر آخر لم تدل عليه الآية، وهو القدر السابق والميثاق الأول، وهو سبحانه لا يحتج عليهم بذلك، وإنما يحتج عليهم برسله، وهو الذي دلت عليه الآية.

فتضمنت الآية والأحاديث إثبات القدر والشرع، وإقامة الحجة، والإيمان بالقدر، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُئل عنها بما يحتاج العبد إلى معرفته والإقرار به معها، وبالله التوفيق.


(١) أخرجه بنحوه ابن أبي حاتم (٥/ ١٦١٥).
(٢) "الآثار" ساقطة من "د".
(٣) "المشرك" ساقطة من "د".