للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنوع الناس في طرق أدويتها والخلاص منها، وتباينت طرقهم في ذلك تباينًا لا يحصيه إلا الله، بل كل أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهّم أنه يخلصه منها.

وأكثر الطرق والأدوية التي يستعملها الناس في الخلاص منها لا تزيدها إلا شدة، كمن يتداوى منها بالمعاصي على اختلاف أنواعها، من أكبر كبائرها إلى أصغرها، وكمن يتداوى منها باللهو واللعب والغناء وسماع الأصوات المطربة وغير ذلك، فأكثر سعي بني آدم، أو كله إنما هو لدفع هذه الأمور والتخلص منها.

وكلهم قد أخطأ الطريق، إلا من سعى في إزالتها بالدواء الذي وصفه الله لإزالتها، وهو دواء مركّب من مجموع أمور، متى نقص منها جزء نقص من الشفاء بقدره.

وأعظم أجزاء هذا الدواء هو التوحيد والاستغفار، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاَسْتَغْفِر لِّذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩]، وفي الحديث: «قال الشيطان: أهلكتُ بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلا الله، فلما رأيتُ ذلك بثثتُ فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا» (١).


(١) أخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في «السنة» (٧)، وأبو يعلى (١٣٦)، والطبراني في «الدعاء» (١٧٨٠) من حديث أبي بكر مرفوعًا، وإسناده تالف، فيه عثمان بن مطر وعبد الغفور الواسطي كلاهما منكر الحديث، كما في «التاريخ الكبير» (٦/ ٢٥٣، ١٣٧).
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا بإسناد حسن، انظر: «الأمالي المطلقة» (١٣٧).