للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرمت على نفسي ما لا يدخل تحت قدرتي (١)، وهو المستحيلات.

ولا فائدة في قوله: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: ١١٢]؛ فإن كل أحد لا يخاف من المستحيل لذاته أن يقع.

ولا فائدة في قوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: ٣١]، ولا في قوله: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: ٢٩]؛ فنفوذ حُكْمِه في عباده بملكه وعدله فيهم بحمده، وهو سبحانه له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.

ونظير هذا قوله سبحانه حكاية عن نبيه هود - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: ٥٦]، فقوله: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك»، وقوله: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} مثل قوله عليه السلام: «عدل فيَّ قضاؤك» أي: لا يتصرف في تلك النواصي إلا بالعدل والحكمة والمصلحة والرحمة، لا يَظلم أصحابَها، ولا يعاقبهم بما لم يعملوه، ولا يهضمهم حسناتِ ما عملوه، فهو سبحانه على صراط مستقيم في قوله وفعله، يقول الحق، ويفعل الخير والرشد.

وقد أخبر سبحانه أنه على الصراط المستقيم في سورة هود، وفي سورة النحل، فأخبر في هود أنه على صراط مستقيم في تصرفه في النواصي التي هي في قبضته وتحت يده، وأخبر في النحل أنه يأمر بالعدل ويفعله.

وقد زعمت الجبرية أن العدل هو المقدور، وزعمت القدرية (٢) أن


(١) بياض في «د» بنحو كلمة.
(٢) «د»: «الجبرية» مكررة.