للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال موسى: بأربعين عامًا. قال آدم: هل وجدت فيها: "وعصى آدم ربه فغوى"؟ قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملتُ عملًا كَتَبه الله عليَّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فحجّ آدمُ موسى".

وفي لفظ آخر: "احتجّ آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرَجَتْنا خطيئَتُك من الجنة" وذكر الحديث، متفق على صحته (١).

وهذا التقدير بعد التقدير الأول السابق لخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

وقد رَدَّ هذا الحديث مَن لم يفهمه من المعتزلة كأبي علي الجُبّائي (٢)، ومَن وافقه على ذلك، وقال: لو صَحَّ لبطلت نبوات الأنبياء؛ فإن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي، فإن العاصي بترك الأمر، أو فعل النهي، إذا صحت له الحجة بالقدر السابق ارتفع اللوم عنه.

وهذا من ضلال فريق الاعتزال، وجهلهم بالله ورسوله وسنته؛ فإن هذا حديث صحيح متفق على صحته، لم تزل الأمة تتلقاه بالقبول مِن عهد نبيها، قرنًا بعد قرن، وتقابله بالتصديق والتسليم، ورواه أهل الحديث في كتبهم، وشهدوا به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قاله، وحكموا بصحته، فما لأجهل الناس بالسنة، ومَن عُرف بعداوتها وعداوة حملتها، والشهادة عليهم بأنهم مجسّمة


(١) أخرجه البخاري (٣٤٠٩، ٤٧٣٦، ٤٧٣٨، ٦٦١٤، ٧٥١٥)، ومسلم (٢٦٥٢) والألفاظ المذكورة له.
(٢) انظر: "المنية والأمل" (٦٩)، "مجموع الفتاوى" (٨/ ٣٠٤).