للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتواصي بالأقوال الباطلة.

وقد أخبر سبحانه أنه يمقت أفعالًا كثيرة ويكرهها ويبغضها ويسخطها، فقال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ اَلنِّسَا إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: ٢٢]، وقال: {وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا} [محمد: ٢٨]، وقال: {(٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا} [الصف: ٣] (١)، وقال: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: ٤٦]، ومُحَال حَمْل هذه الكراهة على الكراهة الدينية الأمرية؛ لأنه أمرهم بالجهاد. وقال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨].

فأخبر أنه يكره ويبغض ويمقت ويسخط ويعادي ويذم ويلعن، ومُحَال أنه يحب ذلك ويرضى به، وهو سبحانه يتنزَّه ويتقدس عن محبة ذلك، وعن الرضا به، بل لا يليق ذلك بعبده؛ فإنه نقص وعيب في المخلوق أنْ يحبّ الفساد والشر والظلم والبغي والكفر ويرضاه، فكيف يجوز نسبة ذلك إلى الله تبارك وتعالى؟!

وهذا الأصل من أعظم ما غلط فيه كثير من مثبتي القدر، وغلطهم فيه يوازي (٢) غلط النفاة في إنكار القدر، أو هو أقبح منه، وبه تسلّط عليهم النفاة ونادوا (٣) على قبح قولهم، وأعظموا الشناعة عليهم به.


(١) من قوله «وقال: {وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ}» إلى هنا ساقط من «م».
(٢) «د»: «يوازن».
(٣) مهملة الأول في «م»، ومثلها في «د»، غير أنها برسم: «وتمادو».