للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت فرقة: إنما حَجَّه لأن (١) آدم أبوه، فحجَّه كما يحجُّ الرجلُ ابنَه.

وهذا كلام لا تحصيل فيه البتَّة؛ فإن حجة الله يجب المصير إليها مع الأب كانت أو مع الابن أو العبد أو السيد، ولو حجَّ الرجل أباه بحقٍّ وجب المصير إلى الحجة.

وقالت فرقة: إنما حَجَّه لأن (٢) الذنب كان في شريعة، واللوم في شريعة.

وهذا من جنس ما قبله؛ إذ لا تأثير لهذا في الحجة بوجه، وهذه الأمةُ تلوم الأممَ المخالفة لرسلها المتقدمة عليها، وإن كان لم تجمعهم شريعة واحدة، ويقبل الله شهادتهم عليهم، وإن كانوا من غير أهل شريعتهم.

وقالت فرقة أخرى: إنما حَجَّه لأنه كان قد تاب من الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يجوز لومه.

وهذا وإن كان أقرب مما قبله، فلا يصح لثلاثة أوجه:

أحدها: أنّ آدم لم يذكر ذلك بوجه، ولا جعله حجَّة على موسى، ولم يقل: أتلومني على ذنب قد تبت منه.

الثاني: أنّ موسى أعرف بالله سبحانه وبأمره ودينه من أن يلوم على ذنب قد أخبره الله سبحانه أنه قد تاب على فاعله، واجتباه بعده وهداه؛ فإن هذا لا يجوز لآحاد المؤمنين أن يفعله، فضلًا عن كليم الرحمن.

الثالث: أنّ هذا يستلزم إلغاء ما عَلَّق به النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه الحجة، واعتبار ما


(١) "د": "حجته أن".
(٢) "د": "أن".