للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وهذا تأويل ابن قتيبة، وذكره ابن بطة في «الإبانة» (١).

قال: وليس كل من ثبت له المعرفة حُكِم بإسلامه، كالبالغين من الكفار؛ فإنّ المعرفة حاصلة لهم وليسوا بمسلمين.

قال: وقد أومأ أحمد إلى هذا التأويل في رواية الميموني فقال: الفطرة الأولى التي فُطِر الناس عليها. فقال الميموني: الفطرة: الدين؟ قال: نعم (٢).

قال القاضي: وأراد أحمد بالدين: المعرفة التي ذكرناها.

قال: والرواية الثانية: الفطرة هنا ابتداء خلقه في بطن أمه؛ لأنّ (٣) حَمْله على العهد الذي أخذه عليهم ــ وهو الإقرار بمعرفته ــ حَمْلٌ للفطرة على الإسلام؛ لأن الإقرار بالمعرفة إقرار بالإيمان، والمؤمن مسلم، ولو كانت الفطرة الإسلام لوجب إذا وُلِد بين أبوين كافرين أن لا يرثانه ولا يرثهما.

قال: ولأن ذلك يمنع أن يكون الكفر خَلْقًا لله، وأصول أهل السنة بخلافه.

قال: وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية علي بن سعيد ــ وقد سأله عن قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» ــ فقال: على الشقاوة والسعادة.

وكذلك نقل محمد بن يحيى الكحّال: أنه سأله فقال: هي التي فُطِر الناس عليها: شقي أو سعيد.


(١) «إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث» (٥٧ - ٥٨) ــ نص عليه في «درء التعارض» (٨/ ٣٦٠) ــ، «الإبانة الكبرى» (٤/ ٧٠).
(٢) انظر: «أحكام أهل الملل من الجامع لمسائل الإمام أحمد» (١٦).
(٣) نهاية نسخة «م»، وما يلي سيكون الاعتماد فيه على «د»، وما يلزم من «ت».