للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر أنّ مجاهدًا أرسل إلى عكرمة يسأله عن قوله: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} فقال: هو الخِصَاء، فقال مجاهد: أخطأ، {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}: إنما هو الدين، ثم قرأ: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (١).

وروى عن عكرمة: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} قال: لدين الله (٢).

وعنه: {فِطْرَتَ اللَّهِ} قال: الإسلام (٣).

وقال قتادة: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} قال: لدين الله، وهو [قول] (٤) سعيد ابن جبير والضحاك وإبراهيم النخعي وابن زيد (٥).

وعن ابن عباس وعكرمة ومجاهد: هو الخِصَاء (٦).

ولا منافاة بين القولين، كما قال تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٩]، فتغيير ما فَطَرَ اللهُ عبادَهُ من الدين تغييرٌ لخَلْقه، والخِصَاء وقَطْع آذان الأنعام تغييرٌ لخَلْقه أيضًا.

ولهذا شَبّه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما بالآخر، فأولئك يغيّرون الشريعة، وهؤلاء يغيّرون الخِلْقة، فذاك تغييرُ ما خُلِقت عليه نفسُهُ وروحُهُ، وهذا تغييرُ ما خُلِق عليه بدنُهُ.


(١) أخرجه بنحوه عبد الرزاق في «التفسير» (٦٤٠).
(٢) لم أقف عليه في مصدر آخر.
(٣) عزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٩٣) إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.
(٤) زيادة لازمة من مصدر المؤلف.
(٥) تقدم عزوها قريبًا.
(٦) انظر: «تفسير مجاهد» (٥٣٩)، «الدر المنثور» (٢/ ٦٩٠).