للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقَاتِلُونَ، لَمْ نَرْجِعْ، فَرَجَعَ عَنْهُمْ، وَسَبَّهُمْ، وَسَأَلَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَسْتَعِينُوا بِحُلَفَائِهِمْ مِنْ يَهُودَ، فَأَبَى، وَسَلَكَ حَرَّةَ بَنِي حَارِثَةَ، وَقَالَ: ( «مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ بِنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ» ) ؟ ، فَخَرَجَ بِهِ بَعْضُ الْأَنْصَارِ حَتَّى سَلَكَ فِي حَائِطٍ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ أَعْمَى، فَقَامَ يَحْثُو التُّرَابَ فِي وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَقُولُ: لَا أُحِلِّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فِي حَائِطِي إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ، فَابْتَدَرَهُ الْقَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ: ( «لَا تَقْتُلُوهُ فَهَذَا أَعْمَى الْقَلْبِ أَعْمَى الْبَصَرِ» ) .

وَنَفَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ الشِّعْبَ مِنْ أُحُدٍ فِي عُدْوَةِ الْوَادِي، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى أُحُدٍ، وَنَهَى النَّاسَ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ يَوْمَ السَّبْتِ، تَعَبَّى لِلْقِتَالِ، وَهُوَ فِي سَبْعِمِائَةٍ، فِيهِمْ خَمْسُونَ فَارِسًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الرُّمَاةِ - وَكَانُوا خَمْسِينَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَمَرَهُ وَأَصْحَابَهُ أَنْ يَلْزَمُوا مَرْكَزَهُمْ، وَأَلَّا يُفَارِقُوهُ، وَلَوْ رَأَى الطَّيْرَ تَتَخَطَّفُ الْعَسْكَرَ، وَكَانُوا خَلْفَ الْجَيْشِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْضَحُوا الْمُشْرِكِينَ بِالنَّبْلِ، لِئَلَّا يَأْتُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَرَائِهِمْ.

فَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَئِذٍ، وَأَعْطَى اللِّوَاءَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَجَعَلَ عَلَى إِحْدَى الْمَجْنَبَتَيْنِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَعَلَى الْأُخْرَى المنذر بن عمرو، وَاسْتَعْرَضَ الشَّبَابَ يَوْمَئِذٍ فَرَدَّ مَنِ اسْتَصْغَرَهُ عَنِ الْقِتَالِ، وَكَانَ مِنْهُمْ عبد الله بن عمر، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وأسيد بن ظهير، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>