للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الْغَزْوَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَكِنْ فِيهَا كَانَتْ قِصَّةُ الْإِفْكِ بِسَبَبِ فَقْدِ الْعِقْدِ وَالْتِمَاسِهِ، فَالْتَبَسَ عَلَى بَعْضِهِمْ إحْدَى الْقِصَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ الْإِفْكِ.

وَذَلِكَ أَنَّ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ قَدْ خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ بِقُرْعَةٍ أَصَابَتْهَا، وَكَانَتْ تِلْكَ عَادَتَهُ مَعَ نِسَائِهِ، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الْغَزْوَةِ نَزَلُوا فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَخَرَجَتْ عائشة لِحَاجَتِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَفَقَدَتْ عِقْدًا لِأُخْتِهَا كَانَتْ أَعَارَتْهَا إِيَّاهُ، فَرَجَعَتْ تَلْتَمِسُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فَقَدَتْهُ فِيهِ، فَجَاءَ النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونَ هَوْدَجَهَا، فَظَنُّوهَا فِيهِ، فَحَمَلُوا الْهَوْدَجَ وَلَا يُنْكِرُونَ خِفَّتَهُ، لِأَنَّهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ فَتِيَّةَ السِّنِّ لَمْ يَغْشَهَا اللَّحْمُ الَّذِي كَانَ يُثْقِلُهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ النّفَرَ لَمَّا تَسَاعَدُوا عَلَى حَمْلِ الْهَوْدَجِ لَمْ يُنْكِرُوا خِفَّتَهُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي حَمَلَهُ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمَا الْحَالُ، فَرَجَعَتْ عائشة إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَقَدْ أَصَابَتِ الْعِقْدَ، فَإِذَا لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَقَعَدَتْ فِي الْمَنْزِلِ، وَظَنَّتْ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَهَا، فَيَرْجِعُونَ فِي طَلَبِهَا، واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَوْقَ عَرْشِهِ كَمَا يَشَاءُ، فَغَلَبَتْهَا عَيْنَاهَا، فَنَامَتْ، فَلَمْ تَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِقَوْلِ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ: ( «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) ، وَكَانَ صفوان قَدْ عَرَّسَ فِي أُخْرَيَاتِ الْجَيْشِ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ النَّوْمِ كَمَا جَاءَ عَنْهُ فِي " صَحِيحِ أبي حاتم ". وَفِي " السُّنَنِ ":

<<  <  ج: ص:  >  >>