للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

( «إِنَّا صَاهَرْنَا أُنَاسًا وَصَاهَرْنَا أبا العاص فَنِعْمَ الصِّهْرُ وَجَدْنَاهُ» ) وَإِنَّهُ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي أَصْحَابٍ لَهُ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَخَذَهُمْ أَبُو جَنْدَلٍ وأبو بصير، وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا، وَإِنَّ زينب بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ سَأَلَتْنِي أَنْ أُجِيرَهُمْ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُجِيرُونَ أبا العاص وَأَصْحَابَهُ؟ "، فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَلَمَّا بَلَغَ أبا جندل وَأَصْحَابَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أبي العاص وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ مِنَ الْأَسْرَى، رَدَّ إِلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُمْ، حَتَّى الْعِقَالَ، وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي جَنْدَلٍ وأبي بصير يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُ مَنْ مَعَهُمَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ، وَأَلَّا يَتَعَرَّضُوا لِأَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَعِيرِهَا، فَقَدِمَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أبي بصير وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَمَاتَ وَهُوَ عَلَى صَدْرِهِ، وَدَفَنَهُ أَبُو جَنْدَلٍ مَكَانَهُ، وَأَقْبَلَ أَبُو جَنْدَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمِنَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ. وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.

وَقَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَصْوَبُ، وأبو العاص إِنَّمَا أَسْلَمَ زَمَنَ الْهُدْنَةِ، وَقُرَيْشٌ إِنَّمَا انْبَسَطَتْ عِيرُهَا إِلَى الشَّامِ زَمَنَ الْهُدْنَةِ، وَسِيَاقُ الزُّهْرِيِّ لِلْقِصَّةِ بَيِّنٌ ظَاهِرٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا أَقْبَلَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ، وَقَدْ أَجَازَهُ بِمَالٍ وَكُسْوَةٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحِسْمَى لَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُذَامٍ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَتْرُكُوا مَعَهُ شَيْئًا، فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَأَخْبَرَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى حِسْمَى. قُلْتُ: وَهَذَا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ بِلَا شَكٍّ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَخَرَجَ عَلِيٌّ فِي مِائَةِ رَجُلٍ إِلَى فَدَكَ إِلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بِهَا جَمْعًا يُرِيدُونَ أَنْ يَمُدُّوا يَهُودَ خَيْبَرَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، فَأَصَابَ عَيْنًا لَهُمْ، فَأَقَرَّ لَهُ أَنَّهُمْ بَعَثُوهُ إِلَى خَيْبَرَ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِمْ نُصْرَتَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ ثَمَرَ خَيْبَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>