للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحَهَا وَبَيْعَهَا مِمَّنْ شَاءَ بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِنْهَا، وَلَمَّا كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ مِلْكِهِ الْمُسْتَثْنَى لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ الْمُوَافِقِ لِلسُّنَةِ الصَّحِيحَةِ، وَاللَّهِ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا: جَوَازُ كَذِبِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ ضَرَرَ ذَلِكَ الْغَيْرِ إِذَا كَانَ يَتَوَصَّلُ بِالْكَذِبِ إِلَى حَقِّهِ، كَمَا كَذَبَ الحجاج بن علاط عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ لَحِقَتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ الْكَذِبِ، وَأَمَّا مَا نَالَ مَنْ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَذَى وَالْحُزْنِ فَمَفْسَدَةٌ يَسِيرَةٌ فِي جَنْبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بِالْكَذِبِ، وَلَا سِيَّمَا تَكْمِيلُ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَزِيَادَةُ الْإِيمَانِ الَّذِي حَصَلَ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ بَعْدَ هَذَا الْكَذِبِ، فَكَانَ الْكَذِبُ سَبَبًا فِي حُصُولِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِمَامُ وَالْحَاكِمُ يُوهِمُ الْخَصْمَ خِلَافَ الْحَقِّ؛ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى اسْتِعْلَامِ الْحَقِّ، كَمَا ( «أَوْهَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِشَقِّ الْوَلَدِ نِصْفَيْنِ حَتَّى تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْأُمِّ» )

وَمِنْهَا: جَوَازُ بِنَاءِ الرَّجُلِ بِامْرَأَتِهِ فِي السَّفَرِ وَرُكُوبِهَا مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ الْجَيْشِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ بِسُمٍّ يَقْتُلُ مِثْلُهُ قُتِلَ بِهِ قِصَاصًا، كَمَا قُتِلَتِ الْيَهُودِيَّةُ بِبِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ.

وَمِنْهَا: جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ طَعَامِهِمْ.

وَمِنْهَا: قَبُولُ هَدِيَّةِ الْكَافِرِ، فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّ الْمَرْأَةَ قُتِلَتْ لِنَقْضِ الْعَهْدِ لِحِرَابِهَا بِالسُّمِّ لَا قِصَاصًا، قِيلَ: لَوْ كَانَ قَتْلُهَا لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَقُتِلَتْ مِنْ حِينِ أَقَرَّتْ أَنَّهَا سَمَّتِ الشَّاةَ، وَلَمْ يَتَوَقَّفْ قَتْلُهَا عَلَى مَوْتِ الْآكِلِ مِنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>