ذُرِّيَّتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَلَكِنْ هَذَا إِذَا كَانَ النَّاقِضُونَ طَائِفَةً لَهُمْ شَوْكَةٌ وَمَنَعَةٌ، أَمَّا إِذَا كَانَ النَّاقِضُ وَاحِدًا مِنْ طَائِفَةٍ لَمْ يُوَافِقْهُ بَقِيَّتُهُمْ فَهَذَا لَا يَسْرِي النَّقْضُ إِلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِمَاءَهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَسُبُّهُ لَمْ يَسْبِ نِسَاءَهُمْ وَذُرِّيَّتَهُمْ، فَهَذَا هَدْيُهُ فِي هَذَا، وَهُوَ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ عِتْقِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَجَعْلِ عِتْقِهَا صَدَاقًا لَهَا، وَيَجْعَلُهَا زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَلَا شُهُودٍ وَلَا وَلِيٍّ غَيْرِهِ، وَلَا لَفْظِ إِنْكَاحٍ وَلَا تَزْوِيجٍ، كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفية، وَلَمْ يَقِلْ قَطُّ: هَذَا خَاصٌّ بِي، وَلَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ، مَعَ عِلْمِهِ بِاقْتِدَاءِ أُمَّتِهِ بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ، بَلْ رَوَوُا الْقِصَّةَ وَنَقَلُوهَا إِلَى الْأُمَّةِ وَلَمْ يَمْنَعُوهُمْ وَلَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَصَّهُ فِي النِّكَاحِ بِالْمَوْهُوبَةِ قَالَ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] [الْأَحْزَابِ: ٥٠] ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لَهُ مِنْ دُونِ أُمَّتِهِ لَكَانَ هَذَا التَّخْصِيصُ أَوْلَى بِالذِّكْرِ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ مِنَ السَّادَاتِ مَعَ إِمَائِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَهَبُ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ لِنُدْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ أَوْ مِثْلُهُ فِي الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيَانِ، وَلَا سِيَّمَا وَالْأَصْلُ مُشَارَكَةُ الْأُمَّةِ لَهُ وَاقْتِدَاؤُهَا بِهِ، فَكَيْفَ يَسْكُتُ عَنْ مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ مَعَ قِيَامِ مُقْتَضَى الْجَوَازِ، هَذَا شِبْهُ الْمُحَالِ، وَلَمْ تَجْتَمِعِ الْأُمَّةُ عَلَى عَدَمِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي ذَلِكَ، فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَى إِجْمَاعِهِمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا وَمَنْفَعَةَ وَطْئِهَا وَخِدْمَتِهَا، فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَيَسْتَبْقِيَ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ نَوْعًا مِنْهَا، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ مَا عَاشَ، فَإِذَا أَخْرَجَ الْمَالِكُ رَقَبَةَ مِلْكِهِ وَاسْتَثْنَى نَوْعًا مِنْ مَنْفَعَتِهِ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلَمَّا كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَكَانَ إِعْتَاقُهَا يُزِيلُ مِلْكَ الْيَمِينِ عَنْهَا، كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِبَاحَةِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ جَعْلُهَا زَوْجَةً وَسَيِّدُهَا كَانَ يَلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute