للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ كُنْتُمُ وُلْدًا وَكُنَّا وَالِدَا

ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا ... فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا أَبَدَا

وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا ... فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ تَجَرَّدَا

أَبْيَضَ مِثْلَ الْبَدْرِ يَسْمُو صُعُدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا

فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا

وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا ... وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رَصَدَا

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتَ تَدْعُو أَحَدَا ... وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا

هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا ... وَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا

يَقُولُ: قُتِلْنَا وَقَدْ أَسْلَمْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «نُصِرْتَ يَا عمرو بن سالم» "، ثُمَّ عَرَضَتْ سَحَابَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " «إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ» "، ثُمَّ خَرَجَ بديل بن ورقاء فِي نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ بِمَا أُصِيبَ مِنْهُمْ وَبِمُظَاهَرَةِ قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ: " «كَأَنَّكُمْ بأبي سفيان وَقَدْ جَاءَ لِيَشُدَّ الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ» ".

وَمَضَى بديل بن ورقاء فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى لَقُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ بِعُسْفَانَ، وَقَدْ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَشُدَّ الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ وَقَدْ رَهِبُوا الَّذِي صَنَعُوا، فَلَمَّا لَقِيَ أبو سفيان بديل بن ورقاء قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا بديل؟ فَظَنَّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: سِرْتُ فِي خُزَاعَةَ فِي هَذَا السَّاحِلِ وَفِي بَطْنِ هَذَا الْوَادِي، قَالَ: أَوَمَا جِئْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: لَا، فَلَمَّا رَاحَ بديل إِلَى مَكَّةَ قَالَ أبو سفيان: لَئِنْ كَانَ جَاءَ الْمَدِينَةَ، لَقَدْ عَلَفَ بِهَا النَّوَى، فَأَتَى مَبْرَكَ رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَ مِنْ بَعْرِهَا فَفَتَّهُ فَرَأَى فِيهَا النَّوَى، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ بديل مُحَمَّدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>