وَاللَّهِ إِنْ زَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ لَعِبَ بِكَ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ بِالْجَهَازِ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُجَهِّزُوهُ، فَدَخَلَ أبو بكر عَلَى ابْنَتِهِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُحَرِّكُ بَعْضَ جَهَازِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ أَمَرَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَجْهِيزِهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَتَجَهَّزْ، قَالَ: فَأَيْنَ تَرَيْنَهُ يُرِيدُ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى مَكَّةَ، فَأَمَرَهُمْ بِالْجِدِّ وَالتَّجْهِيزِ، وَقَالَ: " «اللَّهُمَّ خُذِ الْعُيُونَ وَالْأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي بِلَادِهَا» " فَتَجَهَّزَ النَّاسُ.
فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ كِتَابًا يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً، وَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تُبَلِّغَهُ قُرَيْشًا، فَجَعَلَتْهُ فِي قُرُونٍ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ، وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ بِمَا صَنَعَ حاطب، فَبَعَثَ عليا والزبير - وَغَيْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ يَقُولُ: «بَعَثَ عليا والمقداد والزبير - فَقَالَ: انْطَلِقَا حَتَّى تَأْتِيَا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ إِلَى قُرَيْشٍ، فَانْطَلَقَا تَعَادَى بِهِمَا خَيْلُهُمَا، حَتَّى وَجَدَا الْمَرْأَةَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ فَاسْتَنْزَلَاهَا، وَقَالَا: مَعَكِ كِتَابٌ؟ فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَفَتَّشَا رَحْلَهَا فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا علي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا كَذَبْنَا، وَاللَّهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ، أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنْهُ، قَالَتْ: أَعْرِضْ، فَأَعْرَضَ فَحَلَّتْ قُرُونَ رَأْسِهَا فَاسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْهَا، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِمَا فَأَتَيَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى قُرَيْشٍ، يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاطبا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا حاطب؟ فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا ارْتَدَدْتُ وَلَا بَدَّلْتُ وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مُلْصَقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute