فِي قُرَيْشٍ لَسْتُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلِي فِيهِمْ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ وَوَلَدٌ وَلَيْسَ لِي فِيهِمْ قَرَابَةٌ يَحْمُونَهُمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَإِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَدْ نَافَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ يَا عمر لَعَلَّ اللَّهَ قدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " فَذَرَفَتْ عَيْنَا عمر، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» .
ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَائِمٌ، وَالنَّاسُ صِيَامٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْكُدَيْدِ - وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ النَّاسُ الْيَوْمَ قُدَيْدًا - أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ.
ثُمّ مَضَى حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ، وَهُوَ بَطْنُ مَرٍّ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَعَمَّى اللَّهُ الْأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ فَهُمْ عَلَى وَجَلٍ وَارْتِقَابٍ، وَكَانَ أبو سفيان يَخْرُجُ يَتَحَسَّسُ الْأَخْبَارَ، فَخَرَجَ هُوَ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وبديل بن ورقاء، يَتَحَسَّسُونَ الْأَخْبَارَ، وَكَانَ العباس قَدْ خَرَجَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ مُسْلِمًا مُهَاجِرًا، فَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجُحْفَةِ، وَقِيلَ فَوْقَ ذَلِكَ، وَكَانَ مِمَّنْ لَقِيَهُ فِي الطَّرِيقِ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وعبد الله بن أبي أمية، لَقِيَاهُ بِالْأَبْوَاءِ، وَهُمَا ابْنُ عَمِّهِ وَابْنُ عَمَّتِهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُمَا، لِمَا كَانَ يَلْقَاهُ مِنْهُمَا مِنْ شِدَّةِ الْأَذَى وَالْهَجْوِ، فَقَالَتْ لَهُ أم سلمة: لَا يَكُنِ ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ أَشْقَى النَّاسِ بِكَ، وَقَالَ علي لأبي سفيان فِيمَا حَكَاهُ أبو عمر: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَقُلْ لَهُ مَا قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِيُوسُفَ: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: ٩١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute