للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يُوسُفَ: ٩١] . فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحْسَنَ مِنْهُ قَوْلًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ أبو سفيان، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٩٢] [يُوسُفَ ٩٢] ، فَأَنْشَدَهُ أبو سفيان أَبْيَاتًا، مِنْهَا:

لَعَمْرُكَ إِنِّي حِينَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ

لَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدَى فَأَهْتَدِي

هَدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَدَلَّنِي ... عَلَى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ

فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدْرَهُ وَقَالَ: "أَنْتَ طَرَّدْتَنِي كُلَّ مُطَرَّدٍ " وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ أَسْلَمَ حَيَاءً مِنْهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقَالَ: " «أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفًا مِنْ حمزة» "، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: "لَا تَبْكُوا عَلَيَّ، فَوَاللَّهِ مَا نَطَقْتُ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ "

فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ الظَّهْرَانِ، نَزَلَهُ عِشَاءً، فَأَمَرَ الْجَيْشَ فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ، فَأُوقِدَتْ عَشَرَةُ آلَافِ نَارٍ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحَرَسِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَرَكِبَ العباس بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْضَاءَ وَخَرَجَ يَلْتَمِسُ لَعَلَّهُ يَجِدُ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ، أَوْ أَحَدًا يُخْبِرُ قُرَيْشًا؛ لِيَخْرُجُوا يَسْتَأْمِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا عَنْوَةً، قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسِيرُ عَلَيْهَا إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أبي سفيان، وبديل بن ورقاء وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ، وأبو سفيان يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>