للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذُو غِرَارَيْنِ سَرِيعُ السَّلَّهْ

ثُمَّ شَهِدَ الْخَنْدَمَةَ مَعَ صفوان وعكرمة وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَلَمَّا لَقِيَهمُ الْمُسْلِمُونَ نَاوَشُوهُمْ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ فَقُتِلَ كرز بن جابر الفهري، وخنيس بن خالد بن ربيعة مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَا فِي خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَشَذَّا عَنْهُ فَسَلَكَا طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِهِ فَقُتِلَا جَمِيعًا، وَأُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نَحْوُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، ثُمَّ انْهَزَمُوا وَانْهَزَمَ حماس صَاحِبُ السِّلَاحِ، حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَغْلِقِي عَلَيَّ بَابِي، فَقَالَتْ: وَأَيْنَ مَا كُنْتَ تَقُولُ؟ فَقَالَ:

إِنَّكِ لَوْ شَهِدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ ... إِذْ فَرَّ صفوان وَفَرَّ عكرمه

وَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ ... يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ

ضَرْبًا فَلَا نَسْمَعُ إِلَّا غَمْغَمَهْ ... لَهُمْ نَهِيتٌ حَوْلَنَا وَهَمْهَمَهْ

لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزبير عَلَى إِحْدَى الْمُجَنَّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنَّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ عَلَى الْحُسَّرِ، وَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَتِيبَتِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا، فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ فَإِنْ كَانَ لِقُرَيْشٍ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: "اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ، وَلَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ "، فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاءُوا، فَأَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ " ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى: " احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا " فَانْطَلَقْنَا فَمَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ إِلَّا شَاءَ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ وَجَّهَ إِلَيْنَا شَيْئًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>